
Saturday, October 13, 2018
سوريا تحكي مأساتها وتُحكى عنها شرائط مصوّرة (3)
أدب،
فكر، فن
سوريا تحكي
مأساتها وتُحكى عنها شرائط مصوّرة (3)
مارفيل
تنحني لمضايا و"سيّدة دمشق" تُقتَل في الحبّ
جورج خوري (جاد) 13 تشرين الأول 2018 |
00:02
كأنّه كُتِبَ علينا أن يَرسُمَ عنّا من ليس
منّا روايات باحترافٍ أكبر. ربّما لتأصُّل الفنون البصريّة الحديثة عندهم ومنها
الشريط المصوّر، وبلوغه مرتبة الاختصاص سواء على صعيد السرد البصري الروائي
وتركيبته، أو في بناء الشخصيّات وتصويرها والغوص في التفاصيل المحيطة بها من مكان
وأشياء. أو لكوننا ننتمي إلى ثقافة بصريّة مختلفة المُفردات، تختزل الرسم والحالة
وتعطي الأولوية للفكرة على حساب تماسك السرد. هي ملاحظة أولى في المقارنة بين ما
أنتجناه عن الحرب السوريَّة من شرائط مصوَّرة غابت عنها الروايات الطويلة
(باستثناء "مشفى الحريّة" لحميد سليمان)، واقتصرت على أفكار قصيرة لحالة
معيَّنة وبطاقات تعريف بشهداء ولاجئين. وهنا تفقد المقارنة معناها.
كثيرة هي الشرائط المصوّرة عن المأساة السوريّة غرباً. منها
المصحوبة بهاجس الفهم لما يجري والتأثير في المناخ السياسي العام، أو أُخرى
يحرِّكها الاندفاع الإنساني للمساعدة على التخفيف من البؤس. خصوصاً بعدما عَبَرَت
موجات اللاجئين الحدود واقتحمت صُوَر الفظاعة والقتل والدمار الحياة اليوميَّة
فقَسَمَت هذه المجتمعات بين المتمسِّك بمبدأ المساعدة الإنسانية وبين الداعي إلى
الحفاظ على الهويَّة وتسكير الحدود التعاونيّة والثقافيّة والمعرفيّة. وامتدّ هذا
الإنتاج من سوقه وجمهوره الطبيعي إلى مساحات لم تكن مألوفة في السابق ودفعت بعض
دور النشر إلى الخروج عن طبيعة مسارِها أو الوسط الأكاديمي للانخراط في البحث
والذهاب إلى المَصدر للتوثيق وتقصّي الحقيقة.
خروج أوَّل عن المألوف من دار "مارفيل" Marvel
Comics المشهورة بإنتاج الأبطال الخارقين الذين يغزون
شاشاتنا اليوم والتي ذهبت بالتعاون مع محطّة "آي.ب ي. سي" ABC
الأميركيّة إلى مقاربةٍ من نوع آخر. بَنَت قصَّتها على نصوص
مراسلات هاتفيّة مع "أمّ من مضايا" Madaya
Mom (العنوان) تحفُّظاً على اسمها لحمايتها. سيرة
الحياة اليوميّة لأسرة مؤلَّفة من خمسة أشخاص. نصٌّ بسيط ومترابط بصيغة الراوي
لتطوّر حصار البلدة إلى فقدان الدواء والمأكل وعجز الأمم المتّحدة عن إدخال
المساعدات، فالموت جوعاً أو مرضاً أو قتلاً بالقنص أو في المواجهة. رسوم للكرواتي
تاليبور تالازيتش الذي عاش في صغره الحرب الأهليّة اليوغوسلافيّة فعرف معناها،
ومحاولة نقلٍ بريشة متمرِّسة لما تعجز الكاميرا عن الوصول إليه. ألوان ترابيّة لا
يدخلها الأحمر إلاّ نادراً في حالة قنصٍ أو ما بعد تعَرُّض المدرسة للقصف. رسومٌ معبِّرة
تصيبنا مباشرة، خصوصاً مشهد نهاية القصّة لوجه الأم الترابي: "يمكنكم أن
تصفوا مضايا بمدينة الموت. كثيرون ماتوا، ومن بقي منهم يمكنكم أن تروا الموت في
عيونهم". عيون أمٍّ تختصر المأساة.
"سيّدة دمشق" La
Dame de Damas، رواية أُخرى مقتبسة من الواقع لأسرة من داريّا،
الضاحية الجنوبيّة - الغربيّة للعاصمة السوريّة، كتبها الأستاذ الجامعي والناشط
والديبلوماسي المخضرم جان-بيار فيليو ورسمها الفنان سيريل بوميس. قصَّةُ حبٍّ
مستحيل بين كريم المناضل الشاب وفاطمة التي اضطرّت أن تتزوّج من مسؤول النظام في
البلدة لفقر حال عائلتها. قصّة شكسبيريّة لمأساة عائلة قُتِل الوالد فيها أثناء
الخدمة في لبنان فانضمّ ابنه الأكبر عبد الله إلى الجيش لإعالتها. "روميو
وجولييت" سوريّة على خلفيّة الأحداث التي تبدأ باحتفالات ذكرى تنصيب بشار
الأسد رئيساً، وبدايات الثورة حيث ينتقل الأخ الأكبر المساند للنظام إلى الثوّار
بعد أن يعرف أن قائد المنطقة هو الذي قتل أباه الذي رفض المشاركة في تعذيب معتقلين
في بيروت. وتنتهي بالهجوم الكيميائي على ضاحية داريا التي لجأت إليها فاطمة الحامل
من كريم وموتهما عشيّة قرارهما الزواج. واضِحٌ من السرد إلى أي مدى يُلِمُّ فيليو
بتفاصيل الحياة اليوميّة السوريّة ونسيج التقاليد الاجتماعية ومتابعته للأحداث، هو
الذي أمضى ثلاثة عقودٍ متنقَّلاً بين سوريا ولبنان والأردن والعراق. كأنّه نقل إلى
الرسّام هذه المعرفة فجاءت سمات شخصيّاته والأماكن والتفاصيل التي نَقَلَها مخلصة
لمحلِّيتها. الثنائي فيليو - بوميس ينقل بدقَّة المُراسل العارف وإبداع الروائي
المتمرّس والرسّام المحترِف مشاهد من الأحياء واجتماعات التنسيقيّات والتظاهرات
الأولى والقمع الأول والخيبة من حياد ممثِّلي الأمم المتّحدة قبل أن ينتهي بنا
بالفجيعة الكبرى.
"حبٌّ صغير"، العنوان الفرنسي
لقصّة من إيطاليا بين إيريس الرسّامة الشابة الإيطاليّة وإسماعيل الأستاذ السوري
الذي درس وأقام هناك. يقرِّر الثنائي الانتقال إلى بلدة فيريتزي لبدء حياة مشتركة
لكنّه يضطرّ إلى السفر عائداً إلى بلاده لإنجاز بعض المعاملات، وقبل أن تكتشف
حبيبته أنها تنتظر منه مولوداً. رواية مركّبة لقصصٍ متداخلة ومتوازية بين تلك التي
تروي مأساة اختطاف إسماعيل وتعرُّضه للموت وكيفيّة هروبه ولجوئه إلى الأردن من دون
هويّة تعَرِّف عنه، وأخرى عن العلاقة بين نور ووالدتها التي هجَرَتها وتَرَكتها
لصديقتها للاعتناء بها وتربيتها، إلى ذكريات لقائها الأوّل باسماعيل المرشد
السياحي الذي يقع في غرامها لحظة التعرُّف اليها. وعلى رغم أن الرواية تنتهي بلقاء
الحبيبين وولادة طفلتهما، فإنها تلقي الضوء على الضرر النفسي الذي أصاب إسماعيل
وأبقى العلاقة بينهما مفتوحة على كلّ الاحتمالات. قصَّة مغرقة بالتفاصيل الحقيقيّة
التي يبدو أن الكاتبة تيريسا راديتشي جمعتها من قصص اللاجئين في إيطاليا. زاد في
متعة قراءتها أسلوبُ الفنّان ستيفانو توركوني الذي برع في تماسك السرد البصري
لصفحات الرواية الطويلة (325 صفحة) على رغم تداخل أزمنتها وأمكنتها وشخصيّاتها.
"كوباني تنادي" من إيطاليا أيضاً،
بريشة الفنّان الذي يوقَّع بإسم زيروكلكاري. تطوّع للذهاب إلى الخطوط الأماميّة
للمقاومة الكرديّة ضد "داعش" تلبية لنداء المقاتلين وخصوصاً المقاتلات
اللواتي أوقفن وَحدَهن تقدُّم التنظيم الإرهابي. شهادة حيَّة تُضاف إلى أسطورة
الشابات المقاتلات من أجل حرّية "روجافا" (الشمال السوري). وعلى رغم
جدّية الموضوع، فإن ما ميّز العمل عن غيره، استخدام الفنان السخرية السوداء سواء
في التركيز على جهله لما يجري في سوريا "مثل جميع من هم في أوروبا"، أو
في استخدامه أسلوباً في الرسم أقرب إلى الكاريكاتور منه إلى الواقعيّة التي قد
يفرضها الموضوع. ربّما هذا ما جعل شريطه المصوَّر الأكثر تداولاً في الأوساط
الثقافيّة والشعبيّة على السواء وسلَّط عليه أضواء الإعلام وشاشات التلفزيون
وتُرجِمَ إلى أكثر من لغةٍ، في تأكيدٍ متكرّر لتزايد أهميّة هذا الفن في التواصل.
"نيويورك
تايمس" خرجت هي الأخرى عن المألوف لتتناول بالرّسم والصورة مأساة اللاجئين
السوريين وهذه المرّة في أميركا. تابعت قصّة لجوء عائلة والمشاكل التي واجهتها قبل
الوصول إلى "أميركا ترامب"، وبعد ذلك، من صعوبة الإندماج في مجتمعٍ
مأخوذ بالرواية الإعلامية و"الأسلاموفوبيا" التي تنتشر هناك.
"أهلاً بكم في العالم الجديد"، شريط مصوّر أرادته الصحيفة رسالة واضحة،
مباشرة وغير منحازة ضدّ الانغلاق والانسحاب من القيم الإنسانية التي في أساس
الديموقراطيّة التي بُنِيت عليها مجتمعاتهم، ما مَنحها جائزة بوليتزر التي أُعطيَت
بشكل غير مألوف لتحقيق صحافي.
في الجانب الآخر من المحيط، إهتمام غير مسبوق بموضوع
اللاجئين - المهاجرين الذين أصبحوا مشكلة اختَرَقَت حدودهم وبدأت تهّدِّد تماسُكَ
قيمهم. "هيثم"، شريطٌ مصوَّر يفتح نافذة أمل للاجئين السوريّين الذين
اختاروا المنفى هرباً من الملاحقة والقتل. تأخذنا القصّة الحقيقيّة لهيثم ابن
المناضل أيمن الأسود إلى درعا، وينقلها إلينا الصحافي الفرنسي نيكولا هينان، وهو
خبير في شؤون المنطقة (اعتقله "داعش" لسنتين قبل إطلاقه في صفقة مع
الحكومة الفرنسيّة أثارت جدلاً وقتذاك). يساعده الرسّام الفيتنامي كيونغون بارك
الذي شارك قَبلها في رسم رواية جوزف صفي الدين "يللا باي" عن حرب تمّوز
2006. السرد يبدأ من وفاة الرئيس السابق حافظ الأسد وعودة الأب من قطر وبداية
انخراطه والناشطين السوريين في ما سُمّي "ربيع دمشق"، الأمر الذي كلَّفه
خسارته وظيفته وملاحقة النظام له بعد بداية الأحداث في درعا واضطراره الهرب عبر
الحدود الأردنيّة. عمود القصّة المُعاناة التي يعيشها هيثم الولد مع تطوّر الصراع
وكيفيّة اضطرار العائلة إلى اللجوء بدورها إلى فرنسا، وصعوبة التأقلم في بلدٍ لا
يعرف لغته أو عاداته وتقاليده. هي قصّة نجاح لاحقها الإعلام الفرنسي لإعطاء صورة
مشرقة عن اللاجئين السوريّين بخلاف التصوُّر السائد خصوصاً لدى الجهات المحافظة
الفرنسيَّة.
لاجئون عابرون للحدود يثيرون الجدل أينما حلّوا ومعه
المحاولات الحثيثة للفهم والمساءلة، ليس فقط في ما يتعلّق بأسباب مأساتهم وإنما
للغوص عن القيم والمسؤوليّة التي يَتَحَمَّلونها تجاههم. قصص "سليمة، من حلب
إلى جولييتا" (كندا)، "هروبٌ من الحروب والأمواج" للفنان أوليفر
كوغلر (المانيا)، واللائحة تطول. لافتٌ كيف أن الشريط المصوّر من دون غيره من
الفنون البصريَّة بات الأداة المفضَّلة للبحث الجامعي حيث انخرط طلاب جامعات
مرموقة مثل جامعة براون الأميركيّة عبر مشروع "لاجئون سوريّون: قصص ومحاولة
فهم"، أو جامعة أوغسبورغ الألمانيّة في "قصص من الأوتيل الكبير"
رسمها طلاب قسم التصميم الغرافيكي والشريط المصوّر. قصصٌ وكُتُبٌ بالعشرات قَد
يسمها البَعض بأنها جزءٌ من السياسات الغربيّة لتبرير التدخّلات، لكن يكفي قراءة
واحدة من هذه القصص أو التمعن في واحد من هذه الرسوم لنعرف كم المسافة بعيدة بيننا
وهؤلاء الذين ليسوا منّا اندفعوا ليشهدوا على مأساة القرن.
في الرواية المصوّرة "زنوبيا" التي صدرت حديثاً،
يحاول الرسّام أن يلتقط اللحظات الأخيرة للفتاة أمينة إبنة العاشرة وهي تغرق في
مياه المتوسّط وكيف تمرّ حياتها القصيرة في مخيّلتها، وتتذكّر كيف كانت أمها
تخبرها قصَّة زنوبيا قبل النوم. الرواية تنتهي تحت الماء وصورة سفينة غارقة اسمها
زنوبيا وأمينة تتمتم: "المكان واسع وفارغ هنا... أَهمس تعالوا خذوني... لكني
أهمس في رأسي فقط...".
هم سمعوا همسات أمينة والآخرين مثلها، فيما نحن لا نزال
غارقين في حروبنا المستحيلة.
Posted by
J A D
Labels:
A N - N A H A R,
T E X T
Wednesday, October 10, 2018
سوريا تحكي مأساتها وتُحكى عنها شرائط مصوّرة (2)
أدب،
فكر، فن
سوريا تحكي
مأساتها وتُحكى عنها شرائط مصوّرة (2)
مشفى مُثقَل بالسواد وعيون جاسم تعبر الحدود
جورج خوري (جاد) 10 تشرين الأول 2018 | 00:00
لا أدري لماذا حضرتني
أعمال الرحابنة بعد قراءتي "مشفى الحريّة" للفنان حميد سليمان، الرواية
المصوّرة الأولى لفنّان من سوريا الحرب (صدر بالإنكليزيّة وتُرجِم إلى الفرنسيّة
في 2016). ربّما هي المقاربة والبنية الروائيّة الأفقيّة وما تربّينا عليه من
ثقافة شعبيّة جماعيّة: ابتكار مكان رمزي، وهنا قرية "حورية" في الشمال
السوري قرب الحدود التركيّة، شخصيّات رمزيّة تعبِّر عن نماذج من المجتمع القروي،
لكن هنا، تُستَبْدَل الأدوار الوظيفيّة كالشاويش والمختار وغيرهما بالانتماءات
الطائفيّة والأثنيّة والسياسيّة من السنّي والعلوي والمسيحي والكردي والعلماني
والسلفي من دون الغوص في عمق الشخصيّات وفردانيّتها والعلاقات المعقَّدة بينها.
يبقى فارق انتماء المدرسة الرحبانيّة إلى الزمن
الجميل والنهاية السعيدة المتسامحة حتى مع الأشرار، فيما يدعونا سليمان إلى أن
نعيش الزمن السوري الأسود المغَلَّف بالحزن والسواد والعنف المُفرَط والنهايات
المأسويّة التي لا يخرج منها سالماً سوى علاقة حبّ بين ياسمين السنيّة طالبة
الصيدلة التي تدير المشفى وفوّاز الفوّاز الطبيب العلويّ الذي انضمّ إلى الثورة في
أيّامها الأولى قبل أن يعبرا معاً الحدود نحو الأمان.
حميد سليمان غادر سوريا إلى مصر بعدما أُطلِقَ
سراحه ومنها إلى فرنسا حاملاً معه جرح صديقه الأقرب الذي قضى تحت التعذيب في
معتقلات النظام، ومرارة تخلّي المجتمع الدولي عن أمثاله من الحالمين بالتغيير
فأراد تأكيد الفجيعة. الفواصل الزمنيّة بين الصفحات لا تقف عند عدد الأيّام وإنما
أيضاً عند عدد الضحايا، "بعد يومين و472 ضحيّة" ويبدأ السرد. وضع سواده
على صفحات "مَشفى الحريّة"، المكان الذي يعتبره بطل الرواية أكثر من
شخصيّاتها الـ 12، التي حسناً فعل بتقديم كلٍّ منها في بداية الكتاب. رسوم
مُثقَلَة بالسواد (الكتاب غير ملوَّن) زاد حدَّتها استخدامه لتقنية التضاد
المكثَّف للأسود والأبيض
"high contrast" التي قضت في أحيانٍ كثيرة على وضوح التفاصيل الضروريّة للتعرّف إلى
الشخصيّات الرئيسيّة وإن وُجِدَت فتختفي أحياناً، ما يزيد صعوبة متابعة القارئ
السرد. الوضوح يبقى في الرسوم المنقولة بدقَّة من الصور المنتشرة بكثرة على
الأنترنت (يستحضر صفحات "يوتيوب" تكراراً)، أو في بَعض التفاصيل
المعماريّة. ربَّما لأنه جاء من الهندسة المعماريّة وليس من الشريط المصوّر وهو
تجربته الأولى فجاء رسمه للحركة تعبيريّاً وسرده البصري مفكّكاً، أو لأنّه اعتمد على
رسم كل كادر كلوحة تعبيريّة مستقلَّة أفقدها التناسق التأليفي المُفتَرَض عندما
اجتمعت في صفحات شريط مصوَّر.
هو ابن الثقافة السائدة لقنواتنا التلفزيونيّة أو
وسائل التواصل الاجتماعي عندنا التي تتبارى في استعراض بشاعة العنف والموت، فلا
يتردّد في تصوير رأس مقطوع وعمليَّة نحره، أو ساقٍ مقطوعة وتفاصيل عمليّة بترها.
هو وليد هذه الثقافة التي تستطرد في السرد عوض اختزاله. يريد أن يُخبرنا بكل شيء
وأن يسرد لنا كل التطوَّر الزمني للثورة التي رافقها منذ بدايتها إلى مصادرتها على
يد التطرُّف الإسلامي السلفي و"الداعشي" وقبل أن يضطرّ إلى المغادرة.
أطال الشرح والوعظ أحيانا إلى حدِّ أن بعض الصفحات جاءت مثقلة ببالونات الحوار
والكلام على حساب الرسم المغيَّب. هو لا يدّعي التجرد وقصّته وشخصيّاته رافعات
ليروي رؤيته لما جرى ومحاولة للفهم وإن أقرَّ صادقاً كما نحن بصعوبته. هذا الالتباس
لو ظهر في روايته لربّما أنقذها، لكنها جاءت سرداً كرونولوجيّاً للأحداث كما
شاهدناها جميعاً.
إذا كان حميد سليمان تجرّأ على خوض تجربة الرواية
المصوّرة لنقل واقعٍ حقيقي فجّ ووقح وعارٍ يُرمى في وجوهنا جامعاً كل التناقضات
السورية بين أروقة مشفى ميداني، وحاولت مجموعة "كوميك لأجل سوريا"
بأقلامٍ مجهولة تخليد النقاوة الثوريّة الأولى، فقلائل هم السوريّون الذين قاربوا
المأساة من منظور الشريط المصوَّر، على عكس فنانين من الجوار اللبناني الذي أصبح
ملاذاً لمن بقي منهم ولم يهاجر سواء بدافع التضامن أو انطلاقاً من مشاريع لمنظمات
غير حكوميّة، في الغالب أوروبيّة. المقاربة هنا مختلفة وتهتمّ بنتائج الحرب على
مجتمع كامل من ملايين اللاجئين موزَّعين في شتات الإقليم لنقل معاناة أفراد لديهم
أسماء حقيقيّة ومكان حقيقي جاؤوا منه وإن كانوا لا يعرفون إلى أين سيقودهم
المستقبل.
"بُكرا انشاالله" عن منظمة التضامن الدولي
(سوليداريتي أنترناسيونال) تبنّت هذه المقاربة ودعت فنانين إلى مخيّمات اللاجئين
في لبنان ومعايشة تجاربهم. منهم ديالا برصلي (فنانة سوريّة انتقلت من سوريا إلى
تركيا قبل الاستقرار في لبنان). أرادت الحديث عن "الشرخ الذي أصاب العلاقة
بين الرجل والمرأة نتيجة التهجير والعبء الملقى على الأخيرة لتأمين
الاستمرار". لكنها ذهبت إلى أبعد ورسمت بإحساسٍ فنّي على صفحات تشبه دفتر
ملاحظات وبرسوم مؤسلبة معاناة الانحدار الاجتماعي لصاحب شركة إلى عامل بناء محروم
من الإقامة الشرعيّة، وتعرُّضه اليومي للمضايقات العنصريّة من المحيط أو القوى
الأمنيّة التي تستدعيه مراراً للتحقيق. كم هي جميلة ريشة ديالا وألوانها التي لا
تستسلم لليأس وتُبقي لحظات الأمل وخصوصاً أوقات اللهو مع الأولاد الذين باتوا خارج
مقاعد الدراسة. بدوره، يستخدم كمال حكيم (لبنان) براعته الروائيّة ("زمن
القنابل" 2015، عن تجربته الشخصيّة في الحرب اللبنانيّة) ليروي قصصاً من
"برج عاصون" قرب الضنيّة. ملجأ جماعي يؤوي 58 عائلة سورية في مقابل 50
ألف ليرة بدل إيجار شهري للغرفة من دون جدران أو حمّامات. يتقن المزج بين السخرية
اللاذعة وجدّية الموضوع ويعرف نقل تقاليد الحياة اليوميّة من طريق تفاصيل بصريّة
صغيرة يجيد رسمها. هو كالصحافي يعرف ماذا يختار من يوميّات مَن توزّعوا على
الطوابق وخصوصاً النساء منهم اللواتي يجتمعن على فنجانٍ من القهوة فيكشف علاقات
المرأة ورجلها والزوجة وحماتها، و"صاحبة الدار" وجاراتها. صوَّرَ علاقات
غير التي يروَّج لها، فإذا باللاجئ إنسان لا يختلف عنّا إلا بصعوبة ظروفه
ومعاناته. كمال حكيم ابتعد أكثر من غيره عن الصورة النمطيّة للاجئ السوري وبهذا
اقترب أكثر من سواه من حقيقته كإنسان، وكلُّ ذلك عبر نصٍّ ذكيّ وسردٍ بصري محترف.

نور حيفاوي فاخوري أرادت أن تكون أكثر تصويريَّة.
أخَذَتنا إلى المدينة وأزقّة باب التبّانة وأبي سمرا والقبّة الضيِّقة. لافتٌ
التناقُض بين هذا الخارج المزدحم وشبه الفراغ داخل غُرَف اللاجئين التي يقتصر فيها
الأثاث على الضروري. بساط على الأرض للأكل والاجتماع، ومثله فُرُش فوق بعضها
تُفْرَدُ وقت النوم في غياب الأسرَّة. كراسٍ من البلاستيك مصفوفة حول جدران الغرفة
الفارغة لاستقبال الضيوف والأحاديث الجماعيّة، وطبعاً الحسرة على ما قَبْل. الكتاب
حاذَرَ الغوص في العمق كأنّه جزءٌ من مهمَّة هدفها إلقاء الضوء على أوضاع اللاجئين
وتوعية المتلقّي سواء المقيم أو في الخارج (وُضِعَ بثلاث لغات) وحضّه على
المبادرة. وهو ما تسعى إليه المنظمات الدوليّة غير الحكوميّة التي ربّما هي الأخرى
تريد هذه المعرِفة قبل غيرها.
وحدها لينا غيبة من روّاد الشريط المصوّر (سوريّة
- دانماركيّة مقيمة في لبنان) انطلقتْ من تلقائها في مسار آخر منذ اندلاع الثورة
وذهبت لتروي قصص ثمار الأرض التي بدأت تحترق تحت أقدام الجميع. حَكَت "ياسمين
الشام" و"صبّارة الغوطة" و"فستق حلب" و"محلب
إدلب" و"لوز حمص" وناسها في شرائط مصوّرة صغيرة. بَدَت كأنّها
تحاول أن تحفظ ذاكرة الأرض التي خشيت تفتيتها، وتذكير ناسها بما يجمعهم فيها غير
الشعارات الرنّانة أو التقاسم الطائفي والمذهبي والعرقي الذي يهدِّدها. في مكان
آخر، عادت إلى الوراء، إلى زمن "التربية في ظل الخوف" (منشور على موقع The
Nib) والسنوات القليلة التي
عاشتها في سوريا في ظلّ نظام التعليم البعثي والقمع الفكري والطغيان الإيديولوجي
والتدريب العسكري منذ الصغر. رَسَمَت شريطاً بيوغرافيّاً يمكن اعتباره شهادة حيّة
عن البنية التربويّة لثقافة الخوف التي تساهم في أن يفهم من لم يعشها خلفيّة العنف
الذي يمارسه الأطراف المتحاربون. أما في مساهمتها الأخيرة بعنوان "جاسم"
فالتفتت غيبة إلى الإنسان في شخص ناطور البناية المقابلة لسكنها لتحكي من خلاله
مأساة ضحايا لعبة انتقال الصراع والنفوذ العسكريّ من الجيش النظامي، فمقاتلي
"داعش" لينتهي بين أيدي الميليشيات الكرديّة المهدّدة باجتياح القوات التركية
لولا الوجود الأميركي، هو الذي ترك عائلته وراءه في بلدته جرابلس في عين عرب التي
لا يستطيع الوصول إليها.
عيونٌ سائحة ومتأمِّلة بصمت في البعيد الذي يتخطّى
الحدود. عيونٌ سوريّة ترتشف القهوة الصباحيّة وتُطِلّ من خلف زجاج مدخل بناية في
بيروت. عيونٌ تختزل وحدها مأساة اللجوء.
صباح الخير يا جاسم.
Posted by
J A D
Labels:
A N - N A H A R,
T E X T
Tuesday, October 9, 2018
سوريا تحكي مأساتها وتُحكى عنها شرائط مصوّرة (1)
أدب، فكر، فن
سوريا تحكي مأساتها وتُحكى عنها شرائط
مصوّرة (1)
فنّانون مجهولون رسموا لذاكرة بيضاء وغابوا
جورج
خوري (جاد) 9 تشرين الأول 2018 | 00:02
منذ بداية
"الربيع العربي" ووصول "نسيمه" إلى سوريا الذي تحوّل بعدها ناراً
وجحيماً تأتيان على البشر والحجر أينما حلّتا، لم يتردَّد الفنّانون السوريّون في
النزول الى الشارع تعبيراً عن ثورتهم مستخدمين كلّ أنواع فنون الشارع وأدواته.
رشّوا الغرافيتي على جدران المدن والأزقّة في القرى. وخطّوا شعارات على أقمشة
وصفائح من كرتون وسواه، ورفعوها أمام عدسات الهواتف الجوّالة في محاولةٍ بدأت
حالمة ومُبدِعَة وانتهت يائسة من إمكان إيصال صوتهم الحالم بالتغيير إلى عالَمٍ
اكتشفوا ولو متأخّرين أن الأحلام الكبيرة غابت عنه وضاعت في أروقة السياسات
ونزاعات الهيمنة الإقليميّة والدوليّة وحوّلتهم من أفراد إنسانيّين إلى أعداد
تُحصى من القتلى والجرحى والمفقودين القسريين.

لذلك لم يكن غريباً ربّما أن تستدرج الأحداث الدامية في سوريا التي
باتت تُعتَبَر المأساة الكبرى للقرن الحالي فنّاني الشريط المصوّر وكتّابه من
المحليّين المنخرطين مباشرةً في الصراع إلى المتأثّرين من المحيط المُجاور أو من
الأوروبيّين والأميركيين إلى حدّ أن داراً مثل "مارفل كوميكس" المعروفة
بإصدارات روايات الأبطال الخارقين خرجت عن خطِّها التاريخي لتُنتِج رواية مصوّرة
واقعيّة هي من بين الأكثر إنسانيّة وإحساساً بعنوان "أمٌّ من مضايا" (Madaya Mom). أو أن تحصل صحيفة مرموقة كالـ
"نيويورك تايمس" في لفتة غير مألوفة على جائزة بوليتزر عن شريط مصوّر يحكي
رواية عائلة سوريّة لاجئة "في العالم الجديد" وسط تزايد النزعة المحافظة
المناهضة للهجرة.
شرائط
من سوريا ولها
الفنّانون
السوريّون كانوا في طليعة المتفاعلين مع الثورة. هم أبناؤها الذين واجهوا باللحم
الحيّ آلة القمع الدمويّة ضدّها. تجنُّباً للحصار الإعلامي ومنع النشر، توجّهوا
إلى العالم الافتراضي ووسائل الاتصال الرقميّة التي أثبتت فعاليّة في المواجهات
التي سبقهم إليها شباب تونس ومصر وليبيا وتجمّعوا حول "كوميك لأجل
سوريا" على صفحات فايسبوك. ولأنهم أعلَمُ بما قد يواجهون من ردّ، لم يوقّعوا
أعمالهم وأصبحوا الجنود المجهولين لثورة حَمَلَت هي الأخرى في مفارقة من نوع آخر
"حلماً افتراضيّاً".
اختاروا
لغة العامّة المحكيّة نقيضاً لتقليد الخطاب الإيديولوجي في دولة فاخَرَت دائماً
بحفاظها على إِرث العربيّة الفصحى. رووا باللون والريشة الطفولة المسلوبة والإجبار
على الكراهية كما في "لَعِب"(2013)، أو ثّمَن البراءة القاتل في
"مُعضّميّة"(2012) حيث طيّار من القوّات الجويّة النظاميّة يقتل ابنه من
طريق الخطأ. الحالة نفسها نجدها في "القنّاص" (2012). أما في
"شهيد" (2012)، فيُقتَلُ الطفل على حاجز لأنه لم يمتثل للأوامر كونه
أطرش لا يسمع. غريبٌ كيف أن الصوَرَ الدمويَّة التي اجتاحت عقولنا وأعيننا من
شاشات التلفزيون وصفحات وسائل التواصل الاجتماعي لم تترك أحمَرَها على صفحات هؤلاء
الحالمين، كأنهم أرادوا عن غير قصدٍ ربّما أن يحفروا في مخيّلة مجتمعهم والآخرين
المتفرّجين من الخارج ذاكرة بصريّة غير السائدة تؤسِّس للمصالحة والبناء المستقبلي
فأرادوها نقيّة وهم مُدرِكون لقوّة الصورة وترَسُّخها في مقابل الآلة الدعائيّة
التي تواجههم. استعاضوا عن تفاصيل التعذيب الوحشي لمن خَضَعَ للتحقيق بشفافيّة
ابتسامة طَغَت على الخوف لمجرَّد أن الذاهب إليه أدرك أنه ليس وحيداً وأن أطياف من
سبقوه باقية معه لتواسيه في "حَبْس إفرادي" (2012).
الدعوة إلى الانتقام والحقد الطائفي والانقسام واجهوها بقصصٍ عن
التنوّع وقبول الآخر وحمايته حين تقتضي الحاجة. "كوكتيل"(2013) قصَّة
صديقين من طائفتين مختلفتين (غير معلنتين) نشآ في الحيّ نفسه وكان أحدهما يدافع
دائماً عن الأضعف ويحميه، وعندما كَبُرا انضمّ الأخير الى التظاهرات، فما كان من
الأوّل الاّ أن تلقّى الضَرْبَ عنه وحماه لدى هجوم القوى الأمنيّة مع أنه كان
بجانب النظام. في "طريق سَفَر"(2012) تُنقِذ امرأةٌ كبيرة في السنّ
شاباً إلى جانبها (من الطائفة العلويّة) كان يضايقها عند توقُّف الباص أمام حاجزٍ
لمسلّحين يخطفون على الهويّة مُدَّعيَةً أنه ابنها ولا يحمل هويّة. حتى في لحظات
مواجهة الموت الحتمي، يُصلّي مُقاتلان من "الجيش الحرّ" أحدهما مُسلِم
والآخر مسيحي جنباً إلى جنب قبل إطباق الجيش المُدَرَّع عليهما في حمص المهَدَّمة
في "آخر رصاصة"(2012).
فنّانون محترفون في معظمهم خَرَجوا عن النمطيّة السائدة
والكليشيهات، التي، وإن كانت حقيقيّة على أرض الواقع، رفضوها وسعوا إلى تغييرها.
لا فكاهة، وإن وُجِدَت فهي سخرية سوداء، وحَصْراً حين يتعلّق الأمر بشخصيّات
النظام الذي على رغم معاداتهم له لا يتهجّمون على أشخاصه النافذين بالاسم إلا
نادراً، عَكْسَ الفنون الشعبيّة الأخرى مثل الكاريكاتور أو الغرافيتي أو الأغاني
والهتافات المُعَدَّة أساساً لدورٍ تحريضيّ من نوعٍ آخَر. وظيفتهم انتقاد الحالة
وليس الأشخاص باستثناء "السيّدة الأولى"(2013)، أما الأزلام فيصوّرونهم
بشكل كاريكاتوري، مأمورين محدودي الأفق إلى درجة تدعو إلى الشفقة عليهم كما في
"قنّينة رَمل"(2013) أو "مطاردة"(2012) أو سلسلة "أبو
موس المدسوس"(2012). لم يفُتْهم تناول الخطف بكل أنواعه، من كونه تجارة
مخفيّة بين الجهات المتحاربة لِتَقاسم الأموال في "خَطْف
مُتبادَل"(2013)، إلى تذكير الخاطفين (عناصر من "حزب الله"
اللبناني) في "اختطاف"(2012) أنهّم استقبلوا أهلهم وأووهم خلال حرب
تمّوز 2006، أو وضع المتحاربين أمام لحظة دراميّة في حالة "عجوز"(2013)
التي لم يشأ أحد دَفْعَ فديتها ليس بسبب كِبَر سنِّها وإنما لأن كل عائلتها
وأقاربها ماتوا! وإذا كان الخطفُ للتبادُل والتجارة والانتقام هو من المواضيع
المتكرِّرة، احتلَّت قصص المفقودين القسريين من الناشطين الاجتماعيين مكاناً
بارزاً كون المُغيَّبين من هؤلاء هم أصدقاء ورفاق عرفهم الفنّانون مباشرة وتعاملوا
معهم، وسكنوا في هاجس أنّهم قد يكونون يوماً في عدادهم فأرادوا للذاكرة والتاريخ
أن يسَجِّلا قصصهم لئلا يتحوّلوا أعداداً في تقارير الجهات الرسميّة أو المنظَّمات
الإنسانيّة المحليّة والدوليّة.
صحيحٌ
أن مجموعة "كوميك لأجل سوريا" لم تُنتِج روايات تصويريّة طويلة، وهو ما
نفتقده غالباً في إنتاجنا العربي للشريط المصوّر، وسادَها هاجس ردّ الفعل الآنيّ
على الأحداث المتسارعة أمامها، ولم يُعطَ لها الوقت لأخذ المسافة اللازمة للتأمُّل
في ما انغَمَسَت فيه أو للصرامة في انتقاء المهارة والحرفيّة في ما نَشَرَتْه،
فاتحةً المجال أمام المشاركة المفتوحة لكل المساهمات، لكنّها من دون شكّ انفردت عن
مجموعات الشريط المصوّر التي رافقت "الربيع العربي" بأنها كانت الأكثر
التزاماً للثورة والأكثر فعلاً في مراحلها الرومنطيقيّة السلميّة الأولى على الأقل،
وأعطت دليلاً آخر على أن هذا الفن الهامشي يمكنه أكثَرَ من غيره أن يلعب دوراً
مؤثِّراً على مستوى التواصُل الشبابي والحراك المدني اللذين بدأت فنون أخرى تتراجع
عنه.
"كوميك
لأجل سوريا" أصرّت في آخر مراسلاتها أنها "ليست مجموعة مُقاومة"
وأن الفنّانين الذين تطوّعوا للعمل فيها حلموا بـ"حريّة فنّية وشعبٍ حُرّ
ووطن حُرّ"، وأن دورها في الحراك السلمي لم يَعد مَرغوباً فيه منذ تحوّل
الثورة إلى صراعٍ عسكري عنفيّ لم يشهد عالَم اليوم مثيلاً له من حيث الفظاعة
والأعداد المخيفة للقتلى والمفقودين والمشرّدين داخل أرضِهم واللاجئين خارج حدودهم
والمهاجرين غرباً طلباً للجوء. لكن في التأكيد أن الفنّانين منها دوّنوا قبل
غيابهم حكايات اللحظات الأولى لثورة قام بها أفراد كانوا ورَحَلوا، وأحلامٍ
بالتغيير آلَت إلى كوابيس على مستوى الإنسانية. فنّانون حاولوا حفْر ذاكرةٍ بيضاء
في مخيّلتنا أرادوها ألّا تكون منسيّة.
...
الاّ إذا كانت مُجتمعاتنا لا تُحِبّ البياض.
Posted by
J A D
Labels:
A N - N A H A R,
T E X T
Subscribe to:
Posts (Atom)